الخروج .....

لم تكن دعوة الخروج التي يقودها الدكتور أحمد راشد رئيس قسم الهندسة المعمارية بالجامعة البريطانية مختلفة المضمون عما عشت أؤمن به في العقدين الأخيرين من رحلتي في صحراء الحياة ؛ وأعتبرها أحد التقاطعات المستمرة بين عالمينا ؛ حيث نلتقي قليلاً ونسمع أخبار بعضنا البعض من بعيد ولكن يظل التقاطع مستمراً أو على الأقل دائم التكرار؛ والدكتور أحمد من الشخصيات النشطة جداً في نشر دعوته ؛ وتحت شعار الأمل والعمل جاب عوالماً كثيرة قاصداً أن يجد غايته بالخروج للعالم بالأصل والمضمون للجوهر الإنساني وبالخروج على ما فيه من الزيف والإفساد.

اليوم قرأت له إعلاناً ينبئ ُ بحدث جلل لما كان في تعبيره من إحباط.... أصابني ألم وضيق ؛ تمنيت وقتذاك أن أتحدث إلى صاحبي بما علمنا من عمل ودعانا إليه من أمل ولكني اختصرت الأمر وكتبت له " لولا العقبات في الطريق ما احتجنا لأمل ولا عمل" ولم يلبث أن أرسل لي " سأتصل بك قريباً لمؤتمر قريب في طريق الأمل" ؛ فذهب عني الألم والضيق....

هكذا الدعوات الأصيلة تصيبها لحظات من الإحباط لا نكاد نستشعرها لما يقابلها من سنوات العمل وآفاق الأمل المديدة ؛ وهكذا الدعوات لولا أن صارعتها العقبات لما كانت لها قيمة ولا كان لها وجود ؛ فالعقبات في حقيقتها هي أصل الدعوات ؛ وأصحاب الدعوات ما كان خروجهم إلا من أجل محو ما تلاقيه البشرية من كثرة التعثر والسقطات التي تجعل من واقع الناس ما تحيك به الصدور وتأن له القلوب وتنشأ بسببها أجيال تظن أن العقبات ماهي إلا تضاريس تشكل جغرافيا الحياة ومحميات طبيعية يحرم العبث بها إلا ما رحم رب العباد......

لولا هذا الواقع المضطرب والغمام الطاغي لما نادى المنادون ولا دعا الداعون لصحوة الأفهام وتصحيح المسارات لتطهر القلوب وترقى النفوس وتنهض الأمم ؛ وهكذا الخروج ... خروج من أجل العودة ؛ نخرج من هذا الزيف لننظره من آفاق الحق في العلياء نبذل لبلوغها الجهد والكد والشقاء حتى تستبين ملامح الزيف واضحة الحدود ؛ وتصاغ في عقولنا أنبات الفكر وترانيم الدعوات فنعود.......


نعود يملأنا السلام وتحتوينا محبة الخلق ونستحث الخطا بنورٍ من خالق الكون والعباد ؛ نعود حاملين للبشرية بوق الخروج من الدنى إلى العلا ؛ من الزيف إلى الحق ومن العثرات إلى الصمود ؛ إن دعوتنا هي النور ؛ هي الحلم هي السلام ؛ دعوتنا هي الأمل والعمل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مشاعر مكبوتة