من الذي قتل هيباتيا؟!! - قصة لا تنتهي


     

                      إن الله عز وجل قد أنزل لنا " الدين " ليكون منهاجاً ووسيلة إلى تحقيق الغاية من الخلق في عبادة الله الواحد الأحد الفرد الصمد ؛ مخلصين له دين لا نشرك به ولا معه أحد ؛ وعندما يغيب هذا الأصل في الفهم عن الوعي يقع الإنسان _المكلف بحمل هذه الأمانة_ في فخ البهيمية الذي ينصبه الشيطان له ؛ فيخالف تكليفه وينسى رسالته ويجعل من نفسه إلهاً يحلل ويحرم ويأمر وينهي مستنداً إلى النصوص الآلهية بعدما غير المقصود منها وترك النص على أصل منطوقه ؛ فلا يجد في نفسه حرجاً بعد ذلك أن يسفك دم هذا ويمثل بجثة هذه ويستحل مال هؤلاء ويجول يوزع على الناس أحكام السماء لعناً وقتلاً وقصاصاً ؛ بل يزيد الأمر عن ذلك بكثير..... إنه يفعل ذلك كله عن إيمان ويقين أنه ينفذ مشيئة الرب في المارقين عن سلطانه ؛ ويشهد على ذلك تاريخ الكنيسة المرقسية في الأسكندرية وبعدها في روما في العصور الوسطى ؛ وبالرغم من إختلاف الأمس عن البارحة إلا أن إقرار هذه الظاهرة لا أشك فيه على مر الأزمنة ؛ إلا في أزمنة النور بعد بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي الأمي الذي نشأ في وسط الهمجية الجاهلية والاستعباد المهين في البيئة الصحراوية شديدة القسوة ؛ ليخرج لنا المثال الحي في أن تطبيق مراد الله في أرضه لا يكون إلا بمنهجه الذي أنزله من السماء ليصلح بها شأن الكون ؛ فالأرض في حقيقتها ليست إلا بعض شأن من عظيم شأن ؛ هي نقطة في بحر عظيم وهي وما تحويه من حياوات وصراعات وتنافس لا ترى في الكون بعين ساكنيها ؛ والخروج من هذه الأقطار والسبح في ملكوت خالقها يظهر الصورة على حقيقتها ؛ فقط أتذكر قوله تعالى (( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) )) سورة الأحزاب. فأدرك أننا نحيا بين نفوس يملأوها الجهل و الظلم ؛ ولا نجاة إلا بالتمسك بالأصل ؛ الأصل الذي هو دين الله الذي أنزله كاملاً متكاملاً يفسر بعضه بعضاً ؛ بعيداً عن هذا الكثير من التعقيد والتسييس والتلبيس ؛ فهكذا ديدن إبليس يغري ويحرف ويلبس على الناس تلابيسه ؛ فلا الدنيا سنملكها ولا الأرض بملك يذكر في ملكوت الله. وبعد أزمنة النور حل الظلام متجدداً منتعشاً منتفشاً يضرب أركان الأرض ؛ والسبب الحقيقي هو تناسي وإهمال منهج الخالق في خلقه ؛ ولما أمسى كل شيئ لونه رمادي فما عاد الإنسان يفرق بين الجميل والقبيح إلا أنه على جهله يبدل ويحرف كل تلك الرماديات ليوظفها من أجل خدمة نفسه المغرورة فتجده يقول هذا الرمادي فاتح وهذا الرمادي تري شيك وذلك الرمادي لوني المفضل وتستمر الرماديات ترسم عالماً وهمياً من ظلمات تراكم بعضها بعضاً حتى وصلنا إلى زمن الفتن التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كقطع الليل المظلم ؛ فما أرى سبيلاً إلا قوله صلى الله عليه وسلم " (تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ )؛
نعود إلى هيباتيا : ........ ألم يكن أجدر بمن كلفوا بالسلطان من الله أن يتوجهوا إلى هيباتيا بالدعوة إلى عبادة الله الذي يملك كل الإجابات على أسئلتها الحائرة ؟!! ألم يكن أجدر بهم أن ينظروا إلى علم هيباتيا أنه نور من الله أودعه إياها فلا يطيب لهم عيش إلا أن تتحول فيلسوفة عصرها إلى الداعية إلى الله في عصرها تدلل على وجود الله بعلمها واستنتاجاتها ؟!!! هؤلاء إذن وقعوا في الفخ ...... فخ الشيطان ؛ أنفذوا بهيميتهم وجهلهم واتباعهم الأعمى لمن أعطى لنفسه حق الإله ؛ يهب صكوك الغفران ويبيع أراضي الجنة بالذهب والفضة .................................................... إنها قصة لا تنتهي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مشاعر مكبوتة